"تثقيف" المدينة: من التنافسية العالمية إلى التنمية المكانية المحلية

الملخص

مع تزايد التنافس بين المدن والبحث عن التميّز والتفرد لاكتساب مكان بين المدن العالمية وجذب الاستثمارات والسياحة، أصبحت الثقافة أداة للتنمية، مما فرض على المدن تحوّلات وسياسات مكانية جديدة. وقد استغلّت المدن تنظيم الأحداث الثقافية الضخمة، كأداة لتعزيز مكانتها العالمية والإنعاش الاقتصادي، ولتحفيز القطاع الثقافي. يركّز البحث على الحدث الثقافي الخاص بالمدن الأوروبية "عاصمة الثقافة الأوروبية" التي تهدف إلى تعزيز مساهمة الثقافة في التنمية بعيدة المدى للمدن. تعود هذه المبادرة إلى عام 1985 وأصبحت واحدة من التظاهرات الثقافية الأكثر شهرةً والأكثر تنافساً في أوروبا. يهدف البحث إلى 1- مناقشة الفرضية بأن المنافسة بين المدن الأوروبية للحصول على لقب عاصمة الثقافة الأوروبية واستضافة الحدث يمكن أن يسهم بنجاح في عملية التنمية المكانية، و2- عرض نتائج التنمية المحلية المختلفة لاستضافة الحدث من خلال دراسة بعض الأمثلة. تعتمد منهجية البحث على مراجعة منشورات المفوضية الأوروبية بالإضافة إلى الدراسات الأكاديمية التي ناقشت هذا الموضوع، تلك التي تعطي استنتاجات عامة لتأثير الحدث، والبعض الآخر الذي يبحث في تأثير استضافة عاصمة الثقافة على التنمية بأبعادها الفيزيائية والاقتصادية والاجتماعية لمدينة معينة أو أكثر. تمّ اختيار الأمثلة وفق خمسة نماذج من المدن: المدن التي تستجيب للانحدار الصناعي وإعادة الهيكلة الاقتصادية، المدن التراثية، المدن ذات الاقتصاد القوي نسبياً، المدن الهامشية جغرافياً و/أو سياسياً، المدن متعددة الثقافات. بعد مناقشة الآثار الإيجابية والسلبية في المجالات المختلفة المكانية الفيزيائية والاقتصادية والاجتماعية، قدّم البحث بعض التوصيات حول فعالية الإدارة الثقافية وضرورة إعادة الإحياء بما يتناسب مع السياق المحلي للمدن التي تسعى لاستضافة أحداث ثقافية مستقبلية بحيث يتم ضمان نتائج إيجابية على المدى البعيد.