كريستين دو بيزان مفكرة ونسوية رائدة
الملخص
ظهر اسم كريستين دو بيزان في العصور الوسطى كوجه نسائي أدبي متميز ونصيرة للنساء في عصرها. قدرها الاستثنائي جعل منها أرملة شابة غريبة ومسؤولة عن عائلة كبيرة، ولكن إصرارها وحبها للمعرفة جعلاها تنطلق في مسيرة أدبية فريدة جلبت لها بعد عناء تقدير واعتراف كل من يحيط بها في القصر الملكي. كان عليها في البداية أن تواجه القيود والأعراف الاجتماعية التي لا تنظر بعين الرضا إلى امرأة تمتهن الشعر كمصدر رزق، إلا أنَّها استطاعت بعلمها الدؤوب وثقافتها الواسعة كسر تلك القيود لتثبتت شخصيتها أديبةً وشاعرة في زمن ندرت فيه هذه الصفات. معركتها المهمة كانت في الدفاع عن النساء في وجه طبقة من الرجال منهم كثير من الأدباء ورجال الدين الذين لهم سمعة وشهرة مرموقة. أسمت هذه الطبقة بترسيخ فكرة دونية المرأة بشكل عام ورفضوا إعطاءها أي ميزة أو سلطة فجاءت كتاباتها لتواجه وترد كتابة وشعرا على ذلك. في كتابها "مدينة السيدات" تخيلت الأديبة مدينة مثالية تسكنها سيدات فاضلات من العصور القديمة والحديثة وهن يمتهن العلوم ويتمتعن بالمعرفة وحب اللغة وقواعدها كما يبرعن بالزراعة واستعمال الأسلحة وتعلم اللغات، وقد ذكرت أسماء سيدات عدّة تدعوهن لسكن هذه المدينة ذات الأسوار العالية من بينهن زنوبيا ملكة تدمر، وأعطتها مكانًا جميلًا لتزين مدينتها. تطرقت دو بيزان لمشكلات عدة في كتاباتها مثل ضرورة تعليم الفتيات، والمساواة بين الجنسين، وأهلية المرأة للحكم. كما كتبت عن عدم قانونية الاغتصاب؛ وذلك بطرحها مشكلات جديدة وجريئة كمادة للنقاش على الرجال والنساء، ودعت النساء ليتعرفن على ذاتهن كي يواجهن العداوات التي تأخذ أحيانًا وجها إنسانيًا. وهنا نذكر أنَّ طروحاتها لم تكن تدعو لانقلاب أو تغيير جذري في البنية الاجتماعية التي كانت مقسمة آنذاك. فقد جاءت كتاباتها الشعرية والنثرية لتصحح مسار ظلم لحق بقريناتها على مدى سنين طويلة ولتكون هي كما في حياتها المفعمة بالتجارب مثالًا يحتذى به. غزارة أعمالها و موضوعاتها الفريدة التي عكست أفكار كاتبة سبقت عصرها جعل منها في نظر النقاد والكتاب المعاصرين رائدة الحركة النسوية في العصور الوسطى التي أعطت بذور حركات تحرر المرأة في العصور الحديثة