رسم السياسات العامة (دراسة في المنحى السياسي لمراحل عملية رسم السياسات في الدولة)
الكلمات المفتاحية:
رسم السياسات العامة (دراسة في المنحى السياسي لمراحل عملية رسم السياسات في الدولة)الملخص
تسعى هذه الدراسة إلى التعريف بالمراحل التي تمرُّ بها عملية رسم السياسات العامة وتحليلها؛ لبيان مدى أهميتها في دورة السياسات العامة للدولة، والتعرُّف على طبيعة التفاعلات التي تجري في إطارها، وماهية الأدوار التي تمارسها الفواعل الرسمية وغير الرسمية فيها. فمسار هذه العملية قد يختلف بإجراءاته وحيثياته من دولة إلى أخرى نظراً إلى العديد من العوامل التي تتعلَّق بنمط النظام السياسي، والحالة الاقتصادية والاجتماعية، والقيم السائدة في المجتمع، ومدى إدراك راسمي السياسات لمشاكل وحاجات ومطالب المواطنين، ومستوى التأثير الذي تُحدثه الجهات المشاركة في هذه العملية، وفاعليتها في توجيه السياسات وغيرها من العوامل المؤثِّرة. ومع وجود اختلاف بين الدول في الإجراءات والحيثيات إلا أنَّه من الممكن استخلاص إطار عام من المراحل يشير إلى فعل يقوم على تحديد المشكلة، والتعرُّف عليها، ودراسة أبعادها، وتحديد الغرض من معالجتها ليصار إلى وضع البدائل الممكنة لحلِّها، ثم المفاضلة بين هذه البدائل لاختيار البديل الأنسب وإقراره على شكل سياسة عامة ملزمة تنطوي على معالجة مناسبة ومرضية للمشكلة العامة الماثلة أمام الحكومة بإخراجه على شكل قانون أو تشريع أو مرسوم. ومع اشتراك أفراد وجماعات غير حكومية في رسم السياسات العامة، فإنَّ هذه العملية تبقى نشاطاً حكومياً في المقام الأول ينطوي بطبيعته على درجة كبيرة من التعقيد والتشابك، وتعدُّد الفواعل المشاركة فيه التي لكل منها قيمه ومصالحه التي قد تكون متضاربة كلياً أو جزئياً مع غيره. بخلاف العديد من الدراسات السابقة التي ركَّزت على المنحيين الإجرائي والمهني في دراسة عملية رسم السياسات العامة، فقد أولت الدراسة الحالية اهتماماً خاصاً بالمنحى السياسي نظراً لمركزيته في سياق رسم السياسات؛ إذ بيَّنت الدراسة أنَّ رسم السياسات العامة هو نشاط سياسي قبل أي اعتبار وإن اتبعت فيه أساليب علمية، واشتركت فيه أجهزة تنفيذية وإدارية. فهذا النشاط يهدف إلى تلبية مطالب وإشباع حاجات مجتمعية أو حل مشاكل عامة أو التأسيس لقيم معيَّنة؛ لذا فإنَّ درجة استقرار النظام السياسي ومستوى شرعيته تتوقَّف على مدى النجاح الذي يحقِّقه.