دراسة تحليلية للمشكلة العامَّة
الكلمات المفتاحية:
دراسة تحليلية للمشكلة العامَّةالملخص
باتت الحكومات تدرك ضرورة السَّعي لخدمة الصَّالح العام في مجتمعاتها من خلال صنع سياسات عامَّة ترمي إلى تحقيق مطالب مواطنيها وإشباع حاجاتهم، فهي تصنع لهذا الغرض سياسات لمعالجة المشكلات العامّة في مختلف الميادين كالمشكلات المتعلقة بالتَّعليم، والصَّحة، والإسكان، والمواصلات، والسِّياحة، الزِّراعة، والتَّصنيع، الاقتصاد وغير ذلك. وقد تنجح الحكومات في حلِّ المشكلات التي تواجه المجتمع أحياناً وتخفق أحياناً أخرى، ويتوقَّف ذلك، إلى حدٍّ كبير، على مستوى الكفاءة والدِّقة في تحديد هذه المشكلات وتشخيصها. ومن ثمّ فإنَّ نجاح المؤسَّسات الحكومية بالتَّشخيص الموضوعي والإدراك الواقعي لأية مشكلة عامَّة والتَّحديد الدَّقيق لأبعادها يؤدِّي (في الغالب) إلى إقرار سياسات ناجعة لحلِّها، وفي المقابل فإنَّ الإخفاق في اكتشاف أسبابها الحقيقية أو عدم الإحاطة بجوانبها جميعها قد يقود إلى اخفاق هذه المؤسَّسات في اختيار الحلول الملائمة لمعالجتها. ومع وجود اختلاف نسبي في حيثيات عملية صنع السِّياسات العامَّة وتفصيلاتها من دولة إلى أخرى، إلاّ أنَّه في الإطار العام توجد صيغة عامَّة معروفة لصنع السِّياسات مُتَّبعة في معظم دول العالم بغضِّ النَّظر عن نمط النِّظام السِّياسي السَّائد فيها. وتتضمَّن هذه الصِّيغة مجموعة خطوات تبدأ في تحديد المشكلة العامَّة والاعتراف بوجودها، وتنتهي بإقرار سياسة عامَّة مناسبة على شكل قانون أو قرار أو مرسوم له صفة "الرَّسمية" والإلزام في قبوله وتطبيقه لمواجهة المشكلة العامَّة القائمة، وتوفير الاعتمادات اللَّازمة لعملية تنفيذ هذه السِّياسة وجعلها واقعاً ملموساً. يحاول هذا البحث تحليل المشكلة العامَّة، بوصفها أساس السِّياسات العامَّة، وذلك عبر تحديد معالم واضحة لها، وإبراز حدود التَّمايز بينها وبين غيرها من المشكلات، مما يدعو إلى التعمُّق في تحليل ماهيَّتها، ومعرفة أبعادها وسيرورة تطوُّرها إلى المستوى الَّذي يثير اهتمام ال