النظام العام في القانون الدولي الخاص "دراسة تحليلية لنص المادة (30) من القانون المدني السوري"

الملخص

يعدّ النظام العام في القانون الدولي الخاص أحد أهم أسباب استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق بموجب قواعد تنازع القوانين في بلد القاضي الناظر في النزاع على اعتباره صمام الأمان المسؤول عن حماية المبادئ والأسس الجوهرية السائدة في ذلك البلد.

ويكشف لنا الواقع العملي عن العديد من الإشكاليات في معرض الدفع بالنظام العام، منها ما يتعلق بغموضه وبصعوبة تحديد مضمونه على نحو جامع ودقيق، ومنها ما يتعلق باختلاف مفهومه من دولة إلى أخرى، ومن زمن إلى أخر في الدولة الواحدة،  ومنها ما يتعلق باختلاف نطاق تدخله في العلاقات الدولية الخاصة عما هو عليه في نطاق العلاقات الوطنية البحتة.

ومن جهتها تكشف آثار الدفع بالنظام العام عن العديد من الإشكاليات القانونية، منها ما يتعلق بتحديد نطاق استبعاد القانون الأجنبي المختص فيما لو تعارض على نحو جزئي مع مقتضيات النظام العام في بلد القاضي، ومنها ما يتعلق بتحديد أفضل الخيارات لملء الفراغ التشريعي الناتج عن ذلك الاستبعاد، ولعل أكثرها جدلاً تلك المتعلقة بإمكانية الاعتراف بآثار الحقوق المكتسبة أصولاً خارج بلد القاضي رغم منع إنشاء الحق في هذا البلد.

وقد تصورنا ما لإشكاليات البحث السابقة من أهمية خاصة على المستوى الوطني، وذلك على الأقل لسببين: أولهما: تقلص دائرة النظام العام في سورية نتيجة لتعدد الشرائع فيها فيما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية، أما الثاني: فمرده غياب النص التشريعي الشامل لمقتضيات ولآثار الدفع بالنظام العام، مما استوجب اقتراح ما يلزم من تعديلات للنص التشريعي النافذ حالياً.