الرِّقَّة
الملخص
الرّقّة قيمةٌ جماليّةٌ فرعيّةٌ متممةٌ للجمال، تنتمي إليه، وتشاكله، ولكنها تتفوّق عليه. والقيمة الجمالية ـ عمومًاـ نتاج التجربة الجماليّة التي تقوم على مكونين أساسيين، هما الذات المتذوقة والموضوع الجمالي. فالجمال قيمةٌ جماليّةٌ تقوم على أسسٍ موضوعيّةٍ وأخرى ذاتيّة. والرقة تقوم على الأسس ذاتها التي يقوم عليها الجمال، لكنّها تتميّز منه باختلافٍ يمسّ طبيعة هذه الأسس، ويرقى بها لتصبح نوعًا متفوقًا من الجمال، نتلمّس تفرّده في الأثر الذي يتركه في الذّات المتذوّقة.
الموضوع الرّقيق موضوعٌ جميلٌ يتسم بصغر الكم وضآلته. تتفرّع العلاقات الموضوعيّة فيه إلى علاقاتٍ كيفيّة داخلية تجسّد الكم في صورةٍ ما؛ وعلاقاتٍ كيفيّة خارجيّة تربط الرّقيق ـ مستغلةً ضآلة كمه ـ بالفضاء المحيط به. وتتجسّد الرّقّة بوصفها قيمةً جماليةً في التفاعل والتراسل بين هذين النوعين من العلاقات، متكشّفةً في الحركات تارةً، وفي الإحساسات تارةً، وفي العواطف تارةً. وإذا كان الجميل هو الموضوع الذي يذكّرنا بالحياة الإنسانيّة بصورةٍ عامةٍ، فإنّ الرّقيق هو الجميل الذي يذكّرنا بالحياة الإنسانيّة بشقّها الأنثويّ بصورةٍ خاصةٍ. إنّ الرّقّة قيمةٌ أنثويّةٌ قبل كلّ شيءٍ، تتلامح في طيفٍ واسعٍ متنوّعٍ من الموضوعات والظواهر الجماليّة، تتسم جميعها، بوجهٍ عام، بأنّها بعيدةٌ عن القوة الظاهرة ونائيةٌ عن العنف والجهد الشاق. وأنّها تخلق شعورًا بالحياة والألفة العميقة والميل والعطف والحريّة. إنّ الرّقّة هي الحياة متلامحةً في علاقاتٍ متفرّدةٍ حرّةٍ هادئةٍ انسيابيّةٍ؛ إنها قوة الحياة الكامنة وراء أكثر الظواهر ضعفًا.