المظاهر الحضارية للجرميين سكان الجنوب الليبي القدماء من القرن التاسع قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي– دراسة تاريخيّة-

الملخص

تعد قبيلة الجرميين واحدة من أهم القبائل الليبية القديمة؛ لما تمتعت به من سمعة طيبة وعلاقات وثيقة مع الشعوب المجاورة لها، فضلًا عمّا تمتعتْ به من شهرة كبيرة؛ لأنها كانت صاحبة الفضل الأكبر في تطور الجنوب الليبي وازدهاره، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي؛ لدورها الكبير في ربط المناطق الليبية الجنوبية بالمدن الساحلية ذات الشهرة التجارية، وذلك لتحكمها بالطرق التجارية التي تربط بين الساحل الليبي ووسط القارة الإفريقية وقيامها بدور الوساطة التجارية بينهما.

كما تمكنت من بناء حضارة مزدهرة في هذه المنطقة الصحراوية الجافة بمختلف جوانبها كالسياسية، فأنشأت نظامًا ملكيًا مركزيًا، قائمًا على القوة العسكرية، تركّزت فيه كل السلطات والصلاحيات في يد الملك المنتخب من قبل مجلس شيوخ القبيلة، كما أنها تغلبت على كل المعوقات التي احتوتها من الجفاف والحرارة المرتفعة والتربة المالحة، وذلك بابتكار وسائل وأدوات مميزة شكلت نقلة نوعية في عصرها، ولا سيما في مجال الزراعة بما عرف بنظام " الفجارات " للرّي الصناعي. فأغنتها بالعديد من الزراعات المتنوعة التي شكلت المورد الأساسي للاحتياجات الغذائية لسكانها. كما أنها عملت على تربية العديد من الحيوانات التي اعتمدت عليها في ممارسة نشاطاتها وتأمين غذائها ولباسها.

وكان لها كما لغيرها من القبائل القديمة آلهة تقوم بعبادتها، وممارسة الطقوس الدينية المتعلقة بها لكسب  رضاها.