2 العمارة بالطين واللِبن في المشرق العربي القديم (سورية والعراق) خلال العصور التاريخية الباكرة (نهاية الألف الرابع –الألف الأول ق.م).

الملخص

تميزت منطقة المشرق العربي القديم باستخدامها لمواد بناء متنوعة، منها الحجر والخشب والجص والكلس والطين واللِبن منذ عصور موغلة في القدم. ومع تنوع المواد الأولية في البيئة، كتوافر الحجر والأخشاب مثلاً في أجزاء واسعة من الشرق القديم إلا أنّ صروحاً معمارية ضخمة كانت قد شيدت باستخدام الطين (mud, argile) واللِبن (brick, brique) خلال العصور التاريخية الباكرة. إذ بُنيت الزقورات الرافدية والقصور الضخمة في سورية باستخدام الطين واللِبن، كقصر الملك زمري ليم في ماري الذي تبلغ مساحته ثلاثة هكتارات، والذي بُني كلّه باللِبن غير المشوي. أو كقصور قطنة العائدة للألف الثاني قبل الميلاد (منها القصر الملكي الذي تبلغ مساحته 16500 م²). فضلاً عن المنشآت الضخمة الأخرى كالتحصينات والسوات. ومن الملاحظ أنّ تقنيات البناء بالطين واللِبن مرت بمراحل تطور عدّة حتى وصلت إلى إنتاج عمارة ضخمة. كما أنّ استخدام هذه المادة لم يكن مقتصراً فقط على التشييد، وإنّما استخدمت أيضاً في عملية التزيين بأشكال وتقنيات متنوعة ومعقدة، خصوصاً في واجهات الأبنية المهمة.

عني البحث الحالي بدراسة تقنيات العمارة بالطين واللِبن في المشرق العربي القديم (منطقة بلاد الشام وبلاد الرافدين). وحاول إلقاء الضوء على الاستخدام الأول لهذه المادة وميزاتها التقنية في البناء. ودراسة المراحل التطورية منذ نشوئها وصولاً إلى إنتاج عمارة ضخمة، في محاولة لفهم الأساليب المتنوعة التي أنتجها كل عصر. كما عني أيضاً بتتبع تقنيات التزيين المعقدة التي ظهرت في المشرق باستخدام هذه المادة البسيطة، وتطورها منذ فجر التاريخ وحتى الألف الأول قبل الميلاد.