أخبار مدينة عكّا الفلسطينية في مراسلات العمارنة (القرن الرابع عشر ق.م)
الكلمات المفتاحية:
: النصوص الأكّدية، مراسلات العمارنة، مدينة عكّاالملخص
كانت الأوضاع السياسية في بلاد الشام خلال القرن الرابع عشر ق.م مضطربة، وتعاني مراكز الحكم القائمة في مناطقها من الانقسام والخلافات الداخلية، وقد كانت ممالك أو إمارات كثيرة العدد، صغيرة المساحة، يقتصر الحكم فيها على مدينة مركزية، تكون بمنزلة العاصمة، ومناطق قريبة محيطة بها. ولعل حالة مناطق بلاد كنعان؛ ولا سيما مناطق فلسطين الحالية، كانت الأكثر انقساماً.
لم تعرف هذه الكيانات الاستقرار، بل شهد معظمها خلافات وتمردات، لذلك وجدت أنفسها مراراً مضطرة إلى الاحتماء بإحدى المملكتين القويتين في الشرق القديم: المصرية أو الحثية، طلباً للدعم والحماية واستمرار الحكم، ويبدو أن الأفضلية كانت لمصر، ولذلك امتد واستقر النفوذ المصري في المنطقة خلال عهد الملك أمنحوتب الثالث (1390-1352 ق.م)، ولكن الأوضاع تغيرت بعد استلام أمنحوتب الرابع عرش المملكة (1352-1336 ق.م) تماماً، فلم يعد يهتم بالشؤون العسكرية والحملات الخارجية، بل انصرف إلى الدعوة إلى السلام، ونشر أفكاره التوحيدية. وبذلك فسح المجال للحثيين ليتغلغلوا في المنطقة، ووجد كثير من حكام بلاد الشام أنفسهم مضطرين للولاء للحثيين.
عكا هي إحدى أبرز المدن الفلسطينية التي كانت تسيطر على منطقة الزاوية الشمالية الغربية من البلاد. وقد ورد ذكرها مراراً في أرشيف المراسلات المدونة بالكتابة المسمارية، واللغة الأكّدية، التي اكتشفت في العمارنة، قرب المنيا، جنوبي مصر، وهي تشكل المصدر الرئيس لمعرفة أخبار بلاد الشام والشرق القديم خلال حقبة من القرن الرابع عشر ق.م. وقد كشفت آثار عكّا القديمة في تل الفخّار المجاور للمدينة الحالية. ويبدو من أخبارها، بشكل عام، أنها كانت تتمتع بأهمية استراتيجية في المناطق الفلسطينية الشمالية.
يسعى البحث إلى تسليط الضوء على تاريخ هذه المدينة خلال فترة العمارنة، وبيان طبيعة علاقاتها مع مراكز الحكم المجاورة ضمن بلاد كنعان، ومع المملكة المصرية.