العلاقة بين الموسيقى والعمارة في عصر الحداثة وما بعد الحداثة

الملخص

كثيراً ما اهتم المعماريون كما الفلاسفة، الأدباء والموسيقيون بالعلاقة بين العمارة والموسيقى منذ القدم، ويبدو أن تلك العلاقة الجدلية القائمة ما بين العمارة والموسيقى (ما بين الأذن والفراغ) عميقة أكثر مما نظنها، إذ أنها شغلت العقل الإنساني منذ بدايات الحداثة، وحتى الآن.

فالموسيقى والعمارة، وخلال زمن تطورهما، لم يعرفا شكلاً وحيداً، بل تنوعت أساليبهما بتنوع البلدان، وهو التنوع الذي يجد تطوراً وتجدداً في مختلف سياقات الحضارات الإنسانية، وبشكل خاص في العصور الحديثة، إذ أصبحت الإستفادة المتبادلة بينهما أكثر وضوحاً، إذ تتشابه الموسيقى مع العمارة من حيث أسس البناء والتنظيم ومفرداتهم، حيث استفاد العديد من المهندسين المعماريين والمصممين المعاصرين من السمات النفسية وتأثيرات الموسيقى لتشكيل تكوينات معمارية أكثر إثارة، وأخذوا أيضاً تقنيات موسيقية فردية وقاموا بترجمتها إلى كتل معمارية.

يسعى هذا البحث إلى إلقاء الضوء على العلاقة المشتركة التي تربط ما بين التكوين الموسيقي والتكوين المعماري، من خلال مصطلحات ومقومات ومحددات مشتركة بين المجالين، ما يمكّن من استخدام مقطوعة موسيقية وتحويلها لتصميم معماري متكامل المقومات.

كما يركز البحث على اللون كعنصر رابط بين العمارة والموسيقى له أهميته في كلا المجالين، كونه أحد الأساسيات التي يُبنى عليها التصميم المعماري، له تأثيره على العديد من العوامل الحيوية للإدراك البصري المقنع للتكوين المعماري، إضافة إلى دوره في تحديد خصائص الصوت الموسيقي من جهة، وتأثيره الادراكي الحسي الناتج عن التلاعب اللوني الموسيقي، وقدرة المؤلف على ادراج الائتلاف المطلوب لتقديم الإحساس المطلوب والوظيفة التي تخدم اتجاه اللحن وأثره على المستمع، من جهة أخرى.